تعرض إيما جراهام هاريسون في هذا التقرير بيانات إسرائيلية تُظهر ارتفاعًا صادمًا في عدد وفيات الفلسطينيين داخل السجون ومراكز الاحتجاز منذ أكتوبر 2023، بينما تشير شهادات ومواد بحثية إلى أنّ العدد الحقيقي يرجّح أنّه أعلى بكثير، بسبب فقدان مئات المعتقلين القادمين من غزة.
يكشف التقرير الذي نشرته الجارديان أنّ منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل" تتبعت الوفيات الناتجة عن العنف الجسدي، الإهمال الطبي وسوء التغذية، بالاستناد إلى طلبات حرية المعلومات، وتقارير الطب الشرعي ومقابلات مع محامين ونشطاء وأسر وشهود. وتُظهر البيانات الرسمية خلال أول ثمانية أشهر من الحرب معدل وفاة غير مسبوق يصل إلى وفاة واحدة كل أربعة أيام. ورغم توقّف تحديثات الجيش في مايو 2024 وإدارة السجون في سبتمبر 2024، نجح باحثو المنظمة في توثيق 35 وفاة إضافية بعد تلك التواريخ.
وفيات تتجاوز التقديرات.. وغموض يُغذّي الخوف
يقول ناجي عبّاس، مدير قسم الأسرى والمعتقلين في المنظمة، إنّ الأرقام الحقيقية أعلى من الوارد في التقارير، لأنّ حالات كثيرة لم تُكشف بعد. وتُظهر بيانات استخبارية إسرائيلية سرية–ضمن تحقيق مشترك للجارديان ومجلّة +972 وموقع "لوكال كول"–أنّ معظم المعتقلين الذين قضوا في السجون من غزة كانوا مدنيين، رغم أنّ إسرائيل صنّفتهم ضمن فئة "الأسرى الأمنيين"، التي تشمل معتقلين بلا تهم أو محاكمات، إضافة لأسرى رأي من الضفة الغربية.
ويُشير التحقيق إلى أنّ قاعدة بيانات الجيش الخاصة بالمقاتلين في غزة تضم أكثر من 47 ألف اسم، وسجّلت 21 وفاة فقط، بينما كان 65 فلسطينيًا من غزة قد قضوا في السجون بحلول تلك الفترة.
عنف ممنهج وإفلات كامل من العقاب
يرصد التقرير اتساع نطاق العنف والتعذيب وسوء المعاملة داخل السجون الإسرائيلية خلال العامين الماضيين، مع تفاخر وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير بتقليص الطعام وبنظام احتجاز تحت الأرض يُحرم فيه المعتقلون من ضوء الشمس.
ويقدّم معتقلون سابقون ومبلّغون من الجيش شهادات عن انتهاكات واسعة للقانون الدولي، بينما تُظهر البيانات قفزة كبيرة في عدد الوفيات داخل 12 منشأة مدنية وعسكرية. في العقد الذي سبق الحرب، سُجّل متوسط وفاة اثنتين أو ثلاث سنويًا، بينما ارتفع العدد بشكل دراماتيكي منذ أكتوبر 2023.
يقول عبّاس إنّ الانتهاكات ممنهجة، وإنّ غياب المساءلة يجعل حياة كل معتقل فلسطيني في خطر دائم. ويشير إلى أنّ حالة واحدة فقط أُحيلت للمحاكمة، وعوقب فيها الجندي بسبعة أشهر، بينما أثار التحقيق في اعتداء آخر–تضمّن عنفًا جنسيًا–احتجاجات يمينية واعتقال أكبر مسؤولة قانونية عسكرية بعد كشفها تسجيلًا يدلّ على الانتهاكات.
إخفاء قسري وتضليل أهالٍ يبحثون عن أبنائهم
يكشف التقرير أنّ السلطات الإسرائيلية صعّبت بشكل كبير الوصول إلى معلومات حول المختفين من غزة. طوال سبعة أشهر من الحرب، رفض الجيش تزويد العائلات بمعلومات عن حالة آلاف المعتقلين، في سياسة وصفها التقرير بأنّها ترقى إلى "الإخفاء القسري". ورغم تخصيص بريد إلكتروني للاستعلامات في مايو 2024، ظلّت الاستجابة محدودة، بينما تقول منظمة "هموكيد" إنّ المحامين تلقّوا ردّ "لا يوجد سجل اعتقال" عن أكثر من 400 شخص رغم توثيق اعتقالهم.
تتضمن الحالات البارزة الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، الذي اعتُقل خلال مداهمة في ديسمبر 2024، بينما أنكرت إسرائيل اعتقاله لأسبوع رغم وجود فيديو يُظهر اقتياده على يد الجيش.
ويوثّق التقرير كيف اضطرت عائلة الفقاوي إلى اللجوء للمحكمة العليا لمعرفة مصير منير الفقاوي وابنه ياسين بعد اعتقالهما في خان يونس، قبل أن تقرّ السلطات بوفاتهما وتعلن أنّ التحقيق مفتوح.
كما يروي أحد المعتقلين السابقين أنّه أُجبر على الوقوف كدرع بشري إلى جانب الأب وابنه خلال احتجازهم. وتشير الشهادات إلى أنّ عائلات أخرى قد تعيش الأمل نفسه دون أن تعرف أنّ أبناءها قضوا داخل الاحتجاز.
استمرار الاعتقال رغم اتفاق وقف إطلاق النار
يعرض التقرير أنّ إسرائيل أفرجت، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر، عن 250 أسيرًا محكومًا و1700 أسيرا من غزة كانوا محتجزين بلا تهم. ومع ذلك، يكشف أنّ ما لا يقل عن 1000 أسيرا آخر لا يزالون داخل السجون بالظروف نفسها.
وتقول السلطات الإسرائيلية إنها تلتزم القانون وتفتح تحقيقًا في كل وفاة، بينما ترفض إدارة السجون روايات الانتهاكات وتصفها بأنها لا تعكس ممارساتها.
https://www.theguardian.com/world/2025/nov/17/at-least-98-palestinians-have-died-in-custody-since-october-2023-israeli-data-shows

